هديه في سائر العبادات في رمضان:
كان النبي يواظب على العبادات التي كان يؤديها في غير رمضان، بل يزيد فيها، كما مر معنا في حاله في الوصال – وإن كان هذا خاصا به -، وحاله في قيام الليل، وحاله في العشر الأواخر، بل كان في العشر الأواخر يعتكف في المسجد لأجل التفرغ للعبادة، ومن العبادات التي وردت فيها بعض النصوص الخاصة:
1- قراءة القرآن ومدارسته.
2- الجود والإنفاق في سبيل الله.
وقد دل على ذلك ما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة( ).
فدل هذا الحديث على زيادة جود النبي في رمضان عن غيره من الأزمان، فرسول الله هو أجود الناس، ولكن أعلى مراتب جوده كانت في رمضان، وكان جوده شاملا لجميع أنوع الجود، من بذل العلم والمال، وبذل النفس لله تعالى في إظهار الدين وهداية العباد، وإيصال النفع إليهم بكل طريق وسبيل، من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم.
وشبه ابن عباس جود النبي في رمضان بالريح المرسلة، وهو تشبيه بليغ جدا، قال ابن المنير: ( وجه التشبيه بين أجوديته بالخير، وبين أجودية الريح المرسلة أن المراد بالريح ريح الرحمة التي يرسلها الله تعالى لإنزال الغيث العام الذي يكون سببا لإصابة الأرض الميتة وغير الميتة، فيعم خيره وبره من هو بصفة الفقر والحاجة، ومن هو بصفة الغنى والكفاية، أكثر مما يعم الغيث الناشئة عن الريح المرسلة ) أ.هـ( ).
ودل الحديث أيضا على مدارسة النبي القرآن كاملا مع جبريل في شهر رمضان، وقد ثبت عن أبي هريرة قال: كان يُعرض القرآن على النبي كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف في كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه( ).
1- الجهاد:
كان ربما خرج للجهاد في شهر رمضان، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ومن غزواته التي كانت في رمضان: غزوتي بدر وفتح مكة.
* * *
دروس وعبر من عموم هدي النبي في رمضان:
1- مداومته على العمل.
2- الازدياد من أنواع العبادات والطاعات فيه عن بقية الشهور.
3- رحمته بأمته وشفقته عليهم، ومحبة الخير لهم، وتوجيههم إلى كل ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة.
4- تأثره بكتاب الله عز وجل، وتجسيده لأوامره في واقع الحياة.
4- عدم اشتغال النبي عن واجباته بالصيام والقيام، فقاد النبي في شهر رمضان غزوتي بدر وفتح مكة، وكان يوجه أهله ويحثهم على قيام الليل في رمضان، وكان ربما أصبح جنبا من جماعه لأهله، وكان تأتيه بعض أزواجه تزوره وهو معتكف فيخرج معها ليوصلها إلى بيتها، وكان يقصر.
5- اعتكافه على العشر الأواخر.
6- ازدياد النبي من العمل عند ما علم بدنو أجله صلوات الله وسلامه عليه.
وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا لمتابعة هدي النبي في جميع أمورنا، وسائر شؤوننا، وأن يحسن لنا الختام، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.